الأحد، 28 يوليو 2013

الجزائر تعلن الحرب على تهريب الوقود الى المغرب



تخطط الحكومة الجزائرية لرفع أسعار الوقود بحجة الحد من التهريب على الحدود نحو تونس والمغرب. وبدأت حكومة الجزائر برئاسة عبد المالك سلال حملة إعلامية واسعة النطاق لإشعار الرأي العام المحلي بحجم الأخطار الاقتصادية والأمنية التي تمثلها ظاهرة تهريب الوقود. وللمرة الأولى في تاريخ العلاقات بين الجزائر والمملكة المغربية، يتحدث رئيس الوزراء الجزائري، عبدالمالك سلال، عن المخاطر التي تمثلها الظاهرة. وقال سلال، خلال الزيارة التي قام بها الأربعاء الماضي إلى مقاطعة تندوق أقصى جنوب غرب العاصمة على الحدود مع موريتانيا، “يجب أن تتوقف ظاهرة تهريب الوقود نحو المغرب وتونس“. وأضاف سلال، أن الكميات الهائلة من الوقود التي تهرب إلى المغرب تتم مقايضتها بالملابس والمخدرات، موضحا أن الجزائر تطلب من الدول المجاورة التنسيق الأمني لحماية الحدود ومكافحة التهريب على الحدود. وإلى وقت قريب جدا كانت الجزائر تسمح بشكل من الأشكال بتهريب بعض الكميات من الوقود نحو تونس والمغرب، وتعتبر الجزائر، هذه العملية طريقة غير مباشرة لدعم سكان الدول المجاورة. ومنذ مطلع يوليو، تحركت كل الأجهزة ومنها قوات الأمن المختلفة على الحدود وخاصة حرس الحدود التابع لجهاز الدرك الوطني وقوات الشرطة والجمارك الجزائرية والجيش ووزارة الطاقة والمناجم إلى جانب قوات الجيش المكلفة بحماية الحدود، كما اجتمعت الحكومة في مجلس وزاري مشترك مرتين لبحث الموضوع. وتقوم الحكومة بتجهيز الرأي العام لقرار رفع أسعار الوقود من خلال تركيزها على الخسائر التي تسببها ظاهرة التهريب، ولكنها غير متأكدة من عواقب قرار رفع الأسعار على المستوى الاجتماعي بسبب الخوف من أن يكون القرار الشرارة التي تشعل فتيل الاحتجاجات الاجتماعية، على الرغم من الدعم الواسع الذي تتوفر عليه الحكومة بخصوص رفع السعر من الخبراء الاقتصاديين والصناعيين والسياسيين نظرا لحجم التبذير الذي يعرفه استهلاك المواد المكررة في الجزائر. وينتظر أن يتضمن قانون الموازنة التكميلي للعام الجاري قرار رفع أسعار الوقود، وفق مراقبون. وقال بغداد مندوش، الخبير النفطي في تصريحات لوكالة الأناضول، إن الحكومة لم تلجأ إلى زيادة أسعار الوقود منذ العام 2005، مشيرا إلى وجود ملف حول رفع أسعار الوقود بنسبة 10% سنويا إلى نهاية 2019 قامت بإعداده الوكالة الوطنية لضبط المحروقات التابعة لوزارة الطاقة والمناجم. وأضاف مندوش، القريب جدا من الملف، أن انفجار الطلب وارتفاع واردات الجزائر من المواد المكررة وارتفاع اسعار النفط في السوق العالمية وتأخر مشاريع بناء مصافي جديدة، كلها عوامل ضاغطة من أجل تغليب قرار زيادة الأسعار النهائية عند الاستهلاك. وأشار الخبير النفطي، إلى التحسن الذي عرفته الأجور في الجزائر منذ العام 2008، مما يتيح هامش حركة مريح للحكومة بشأن الزيادة المتوقعة في أسعار المواد المكررة. وقال مندوش: “من غير المعقول من الناحية الاقتصادية أن تتضاعف أسعار النفط عند الدخول إلى المصافي ولا يتم تعديل الأسعار في الجزائر”، مشيرا إلى إمكانية تطبيق الزيادة بالتساوي على جميع انواع الوقود أو تطبيق زيادة سنوية بمعدل 15% مثلا على مادة المازوت التي عرفت أعلى نسبة زيادة في الاستهلاك منذ 2007 مقابل 5% لمختلف أنواع البنزين الأخرى. وأضاف أن المادة 9 من قانون المحروقات تنص على ضرورة أن يكون سعر الخام الموجه للسوق الداخلية في مستوى الأسعار عند التصدير، وهو ما يعني مضاعفة الأسعار الحالية مرتين على الأقل على أساس برميل نفط في حدود 100 دولار في المتوسط. وعادة ما تصدر قوانين الموازنة التكميلية في شكل أوامر من رئيس الجمهورية بشكل لا يتيح للبرلمان إمكانية رفضها. وسبق وأن رفض البرلمان الجزائري مقترحا تقدم به وزير الطاقة والمناجم عام 2009 يقضي بزيادة أسعار الوقود بنسب تتراوح بين 25 و30 في المائة. ويعزز الإجماع حول ضرورة مراجعة سعر الوقود نحو الارتفاع بلوغ واردات البلاد العام الماضي نحو 2.8 مليار دولار، وهو الاتجاه التصاعدي المتوقع إلى بداية 2017 بسبب تأخر دخول الاستثمارات الجديدة الخدمة وارتفاع واردات البلاد من السيارات الذي بلغ 18% خلال النصف الأول العام 2013، حيث بلغ عدد المركبات المستوردة 323 ألف مركبة بقيمة 4.23 مليار دولار. ويرجع مختصون في شؤون الطاقة أصل المشكلة لتراجع الاستثمارات في مجال التكرير وليس لظاهرة التهريب التي تريد الحكومة جعلها المشجب الذي تعلق عليه جميع إخفاقاتها في مجال الرقابة، وخاصة في قطاع النقل أو بالنسبة لزيادة قدرات التكرير الوطنية وقدرات تخزين المواد المكررة. وتمتلك الجزائر قدرات تكرير نظرية في حدود 22 مليون طن، ولكن أعمال الصيانة وأشغال التوسعة الجارية على بعض مصانع التكرير تسببت في خفض القدرة الفعلية للتكرير إلى أقل من 18 مليون طن سنويا. وقال خالد بوخليفة، عضو الجمعية الجزائرية للغاز والمدير السابق لمديرية المنتجات الطاقوية بوزارة الطاقة والمناجم، في تصريحات لوكالة الأناضول، إن السبب الحقيقي وراء اختلال سوق المنتجات المكررة في الجزائر يعود بالأساس إلى تأخر الاستثمار في مجال التكرير لأزيد من 30 سنة، مضيفا أن أخر مصفاة دخلت الخدمة في الجزائر عام 1980 وهي مصفاة سكيكدة بطاقة 15 مليون طن. وكشف يوسف يوسفي وزير الطاقة الجزائري، عن تهريب 1.5 مليار لتر سنويا للدول المجاورة، وهو ما يعادل خسارة بقيمة 1.3 مليار دولار سنويا. وقال يوسفي، إن الكمية تكفي لتزويد 600 ألف مركبة في دول الجوار بالوقود سنة كاملة. وكشف يوسفي، أن المصافي الخمسة الجديدة التي ستنجز من طرف مجموعة سوناطراك ستتكلف 10 مليار دولار. وقال يوسفي، إن إنجاز المصافي الجديدة سيراعي التوازن الجغرافي حيث سيتم بناء 3 مصافي في جنوب البلاد ومصفاتين في شمالها بهدف الاستجابة للطلب الكبير على المواد المكررة من المستهلكين العاديين ومن القطاع الاقتصادي. وأضاف، أن أعمال تجديد وتوسعة المصافي الثلاثة الرئيسية التي تتوفر عليها البلاد وهي مصافي سكيكدة وارزيو والعاصمة الجزائر، سيكلف مجموعة سوناطراك ما يعادل 4.2 مليار دولار. وتهدف أعمال التحديث والتوسعة إلى رفع طاقة التكرير إلى 33 مليون طن سنويا عام 2015. وتهدف الاستثمارات الجديدة في مجال التكرير لبلوغ مستوى 52 مليون طن بحلول 2019 بعد الانتهاء من بناء 5 مصافي جديدة. وأنتقد بوخليفة، الأصوات التي تريد أن تلقي باللائمة على عامل التهريب وجعله مشجبا لتعليق الفشل في تزويد السوق الوطنية بالكميات الضرورية من منتجات الطاقة. وأضاف بوخليفة، “الحديث عن تهريب 25% من الإنتاج هو فضيحة بحد ذاتها بالنسبة لدولة تمتلك جميع الإمكانيات اللازمة لحماية حدودها، ولكنها تعجز عن منع تهريب 5 مليون طن من الوقود على فرض صحة تهريب هذه الكميات المهولة“. ويرى المتحدث أنه من الصعب على المختصين في مجال صناعة التكرير والقطاع النفطي عموما تصديق أن التهريب يصل إلى 5 مليون طن سنويا، لأنها كمية كبيرة وتتطلب إمكانات نقل تتوفر للدول وليس لعصابات تهريب على الحدود. وخصصت الجزائر 8.46 مليار دولار لدعم أسعار الوقود عام 2010، وهو ما يكفي لبناء مصفاتين من الحجم المتوسط سنويا من الناحية النظرية. وللحد من تفاقم الاستهلاك تحاول الحكومة الجزائرية فرض حلول جديدة، على غرار فرض ضريبة جديدة على السيارات العاملة بالغاز أويل مع سن إعفاءات ضريبية مهمة على السيارات العاملة بالبنزين الخالي من الرصاص أو الغاز. واستطرد بوخليفة، أن الأسعار التي تطبقها الحكومة على المستهلك النهائي وسياسة الدعم العام لا تشجع على ترشيد استهلاك الفرد الجزائري الذي يتشجع بالوفرة وانخفاض الأسعار على تبذير كميات مهولة سنويا من الوقود ومختلف منتجات الطاقة المدعمة.


أدخل تعليقك

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق


جميع الحقوق محفوظة المساعد الإلكتروني ©2012-2013 | ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy| أنضم ألى فريق التدوين